تناديني ليلى حبيبي آدو

تناديني ليلى: "حبيبي آدو"!

تناديني ليلى: "حبيبي آدو"!

 العرب اليوم -

تناديني ليلى حبيبي آدو

حسن البطل

قالوا ما قالوه عن: عودة الشيخ إلى صباه. هل قالوا عن عودة الجد إلى الوالد. في سن السبعين، زمن الجدودية لا عودة إلى سن الثلاثين، زمن الوالدية .. لكن الحفيد الأول، سواء ابن الابن أو بنت البنت، له مذاق العسل المصفّى.
قالت أم ليلى لابنتها ليلى بالعربية: «هادا سيدو»، وطيلة عشرين يوماً، مثل نحلة عسل، صارت ليلى تلثغ وتقرص قلبي بالفرح: «هابيبي آدو»!

منذ ربع قرن، لم تدفع ذراعاي عربة طفل، ولا امسكت يمناي بملعقة اطعام طفل، وها أنا أفعل، شيخاً، ما كنت افعله أباً، سوى أن الابنة - الأم ما زالت تناديني «بابا» وسوى أن ابنة - الابنة تناديني «آدو» يعني سيدو، يعني جدي، يعني أبو أمي، يعني «اللي خلّف ما مات» .. لكنني سأموت، وليت الموت يمهلني قليلاً لتناديني «سيدو»، أو يمهلني أكثر قليلاً لتمسك الحفيدة ليلى بيدي، كما «يتعكز» الشيخ على عصاه.

منذ ربع قرن لم الاعب طفلاً في ألعابه. ها أنا وليلى نبني هرماً من مكعبات الكرتون، ثم تطوّح الصغيرة بما نبنيه ضاحكة. نعيد الكرّة وتعيد الكرّة. تأتيني بلعبة أخرى ثم تخربطها قبل أن تكتمل .. لكنها وقت الخروج بمشوار على عربة، تنسى ألعاب البيت، وتحتضن لعبتها الأثيرة.

تعطي ماما وتعطي «آدو» كتاب أطفال بالعربية، وتعطي بابا كتاب أطفال بالانكليزية، وليلاً لا تمل من مشاهدة فيلم الكرتون الأثير «Frozen» من انتاج والت ديزني.

تعلمت ليلى شيئاً من صديقها الأكبر منها بنصف عام، وفي مشاوير الحدائق تحاول نزع لحاء الاشجار الهرمة، لترى حشرات شتاء مختبئة بين اللحاء وسيللوز خشب الشجرة.

ماذا ايضاً، تنتقي ما شاءت من افلام، وما شاءت من ألوان ثم «تخربش» كما كانت أمها تخربش طفلة في عمرها، فأتذكر أن أمها عندما تجاوزت سن الخربشة، وأن أولى لوحات أمها حملتها من بيروت إلى نيقوسيا، فإلى رام الله وعلقتها على الجدار، فهل أعلق، بعد سنوات، أولى لوحات الحفيدة الى جانب لوحات أمها، وإلى جانب لوحات جدتها أو «تيتا» المعلقة في بيتي برام الله، وبيت أمها وأبيها في لندن؟

يميزون في قواعد العربية بين جمع المذكر السالم، وجمع المؤنث السالم، لكن ليلى تعجن بلسانها العربية من أمها على الانكليزية من أبيها، أو أسهل «اللثغة» على النطق بلسان الطفولة السالم Book أسهل لفظاً من الكتاب و«هادا» أسهل لفظاً من This is، ومن ثمّ تقول: «هادا بوك»، فإذا استطابت وجبة قالت «زاكي».

بين زيارة خامسة لم تكن ليلى، وفي زيارة سادسة فاتني كيف تحبو ليلى، وفي زيارة سابعة صارت ليلى تمشي، كما يمشي أطفال في عمر سنة ونصف. إنها تخطو بنعلها الشتوي وتطرق خشب البيت كأنها «تدبّ» وتطرقع في خطواتها، لا تطوي مفاصل ركبتيها .. وفي الزيارة الثامنة ستمشي كما نمشي، وفي الزيارة التاسعة ستهرول.

عندما كانت أمها في السادسة سابقتني في عمّان .. ثم بكت لأني سبقتها. قلت لها بعد سباق في نيقوسيا سبقتني فيه: ألم أقل لك أن «الدادا» سوف تسبق البابا. أكيد سوف اخسر سباقاً في الركض لما تبلغ ليلى سن السادسة.

تسألها أمها بالعربية: «مين حبيب آدو»؟ فترد ليلى «ماما». تسألها «مين حبيب الماما» فترد بالعربية «ليلى». «مين حبيب البابا» فترد بالعربية «ليلى». و«مين حبيب آدو» فترد: ليلى!

في زيارات سبقت كان كلب العائلة «روسو» يقعي ورأسه بين قائمتيه الأماميتين، و«يهمّر» فتقول أم ليلى: إنه «ينوح» لأنك ستسافر، فهو يرى حقائب السفر.

في زيارة أخيرة لم يكن الكلب هناك، اعطوه الى أصدقاء، لكن بعد عودتي إلى رام الله، كتبت لي ابنتي: صورتك في غرفة ليلى، وكل مساء قبل أن تنام تقول بالانكليزية: ليلة سعيدة آدو، وفي الصباح نهار سعيد آدو.
يا لها من حياة: الابنة والابن في لندن، وهما من زوجتين اردنية ولبنانية، والوطن في فلسطين. في لندن اعيش حياة عائلية، وفي فلسطين أقول: الاصدقاء نوع من الوطن!

لأم ابنتي صار لها لوحات في المتحف البريطاني، ولابنتي دعوة الى متحف «ميتروبوليتان» في نيويورك هذا الصيف، أما ابني فهو يدرس الدكتوراه في هندسة الفضاء، ويتعاون وفريقه على تصميم جديد لأجنحة الطائرات لصالح «ايرباص».

.. لي ماذا؟ لا أكثر من حبور وشيطنة الصباح عندما تستيقظ ليلى، وتناديني «حبيبي آدو».

arabstoday

GMT 02:06 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

حرب غزة في نادي الجزيرة!

GMT 02:04 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

ليس دفاعًا عن الفراعنة!

GMT 02:02 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الضفة الغربية

GMT 02:00 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

رأس نعمت شفيق

GMT 01:58 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

في ذكرى الخال!

GMT 01:56 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

«مالمو 14» لا يكذب ولا يتجمل..

GMT 00:55 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

نسور استراتيجية

GMT 00:50 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

مئوية واحتفال وكيكة الخلافة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تناديني ليلى حبيبي آدو تناديني ليلى حبيبي آدو



نجوى كرم تتألق في إطلالات باللون الأحمر القوي

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 01:34 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

عمرو يوسف يتحدث عن "شِقو" يكشف سراً عن كندة علوش
 العرب اليوم - عمرو يوسف يتحدث عن "شِقو" يكشف سراً عن كندة علوش

GMT 17:57 2024 الأحد ,21 إبريل / نيسان

مقتل وإصابة 4 أشخاص في انفجار غرب كابول

GMT 04:39 2024 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

انتشال 60 جثة من مجمع ناصر الطبي في خان يونس

GMT 17:53 2024 الأحد ,21 إبريل / نيسان

عواصف رعدية وفيضانات بجنوب الصين

GMT 23:25 2024 الأحد ,21 إبريل / نيسان

إياد نصار يكشف أسباب ابتعاده عن السينما
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab