قرارات لمحافظ كركوك تثير جدلاً سياسيًا بين الكرد والتركمان
آخر تحديث GMT01:50:01
 العرب اليوم -

قرارات لمحافظ كركوك تثير جدلاً سياسيًا بين الكرد والتركمان

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - قرارات لمحافظ كركوك تثير جدلاً سياسيًا بين الكرد والتركمان

محافظ كركوك نجم الدين كريم
بغداد – عمر السويدي

أثارت الوثيقة التي أصدرها محافظ كركوك نجم الدين كريم، القاضية بتداول اللغة الكردية ورفع علم إقليم كردستان على جميع دوائر محافظة كركوك، جدلًا واسعًا بين مكونات المحافظة التي تتشكل من العرب والتركمان، بالإضافة إلى المكون الكردي وبعض الأقليات الأخرى.

وجاء في الكتاب الصادر من محافظ كركوك، في يوم 14-3-2017، القول: لقد "قررنا تداول اللغة العربية والكردية في الكتب الرسمية، بسبب ذكر هذه الفقرة في الدستور العراقي، وستتعرض جميع المؤسسات التي لا تلتزم بهذا القرار للمساءلة القانونية".  أما القرار الثاني فكان يتحدث عن وجوب رفع العلم الكردستاني في جميع دوائر المحافظة بمناسبة أعياد نوروز، معللًا السبب أن كركوك من المناطق المتنازع عليها ومشمولة بالمادة 140 من دستور العراق.

وقال المحافظ نجم الدين كريم وهو قيادي في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال طالباني " إن الدستور العراقي لم ينصَّ على عدم السماح لكركوك برفع علم إقليم كردستان، مؤكدًا أنه برفع العلم الكردي ستتعمق أواصر الأخوة بين مكونات المحافظة". إلا أن هذا القرار أثار حفيظة أعضاء مجلس المحافظة والنواب من المكونات الأخرى كالمكون العربي والتركماني داعين رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى وقفة جادة وصريحة من هذا الخرق الدستوري والقانوني.

وحمّل رئيس الجبهة التركمانية النائب في البرلمان أرشد الصالحي مسؤولية التوترات الأخيرة التي شهدتها كركوك للمحافظ نجم الدين كريم، مؤكدًا أن هذا العمل غير قانوني ويخالف الدستور العراقي. وأضاف الصالحي في تصريح خاص لـ"العرب اليوم" أننا لم نتمنَّ أن تصل الأمور في المدينة إلى هذه المرحلة، وطلبنا من محافظ كركوك بالعدول عن رأيه لأننا في حالة حرب حرجة مع تنظيم "داعش"، ولكنه أصرّ على رفع العلم الكردي فوق بنايات ومؤسسات المحافظة، وهذا في حقيقة الأمر قضية خطيرة لا يمكن التهاون بها أو السكوت عنها".

وكشف الصالحي عن وجود تجمعات يقوم بها الشباب التابعون لحزب المحافظ " حزب الاتحاد الكردستاني" في الجامعات والمنتديات وهم يحملون الأسلحة لمنع أي احتجاج أو رفض ربما يقوم به أشخاص من المكونات الأخرى".

وتُعدُّ محافظة كركوك "250 كيلومتر شمال العاصمة بغداد" التي يقطنها خليط سكاني من العرب والكرد والتركمان والمسيحيين والصابئة، من أبرز المناطق المتنازع عليها، والمشمولة بالمادة 140 من الدستور العراقي، والتي لم يحسم أمرها بعد، لكنها الآن تتبع رسميًا للحكومة الاتحادية في بغداد، بينما يسيطر عليها فعليًا المكون الكردي من خلال مجلس المحافظة الذي تشكّل بأغلبية كردية، فضلًا عن المحافظ الذي يتبع لحزب الاتحاد الكردستاني ثاني أكبر الأحزاب الكردية في إقليم كردستان، ويحكم محافظة السليمانية.

وعلى خلفية القرار يطالب نواب بسحب الثقة عن المحافظ، فيما يرى آخرون أن رئيس الوزراء حيدر العبادي لا يملك صلاحيات لإقالة المحافظ، بينما يقول خبراء قانونيون إن محافظ كركوك نجم الدين كريم، ارتكب جريمة وخالف قانون المحافظات غير المنتظمة بإقليم.

تركيا والأمم المتحدة تدخلان على خط الأزمة

ولم يقتصر الأمر على الإدانات والرفض الداخلي سواءً في كركوك أو في العراق عمومًا، بل تدخّلت تركيا على خط الأزمة ورفضت قرار محافظ كركوك، وأصدرت بيانًا بشأن رفع علم كردستان فوق محافظة كركوك، مشيرًة إلى أن المحافظة ذات ثقافات مختلفة وتلك القرارات تمثل خطرًا عليها، وجاء هذا التصريح من الأتراك بسبب موقفهم الداعم للتركمان.

فيما ردَّ نجم الدين كريم على أنقرة بقوله  إنه " لا يحق لأية دولة خارجية أن تتدخل في شؤون كركوك وهذا أمر داخلي خاص بمكونات المحافظة" داعيًا مجلس المحافظة إلى " الإسراع بالتصويت على قرار رفع علم كردستان " لأنه من حقنا أن نرفع علما يمثل شعبنا الكردي".

من جانبها أعربت الأمم المتحدة، عن قلقها إزاء قرار المحافظ ورفعه علم إقليم كردستان فوق قلعة المحافظة، بمناسبة عيد نوروز، محذرة من اتخاذ أية خطوات "أحادية الجانب" قد تسبب خطورة على حالة التعايش السلمي، مشيرًة إلى أن " حكومة العراق قد أوضحت أن الدستور يعتبر مسألة كركوك من صلاحيات الحكومة المركزية، ولا ينبغي رفع أي علم في المحافظة غير علم العراق".

اللجوء إلى الشارع

ويشير مصدر من داخل المحافظة إلى أن القضية بدأت تتسع وتأخذ أكبر من كونها قضية أعلام، خصوصًا وأن المواطنين من مختلف المكونات تفاعلوا مع خلافات السياسيين وقراراتهم التي ربما لم تفكر أبدًا بخطورة تلك الأوضاع على المحافظة والتعايش السلمي بين المكونات المختلفة".

وأضاف المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه في تصريح لـ"العرب اليوم" أنه بعد السجالات الحادة التي حدثت بين التركمان والكرد قام الكثير من أبناء المكون التركماني برفع أعلامهم على منازلهم وأماكن أعمالهم اليومية، وهو ما ينذر بكارثة حقيقية قد تتعرض لها المدينة، في حالة تعرض أحد من هذا المكون إلى علم الآخر أو استهان به أو غير ذلك".

يأتي ذلك فيما صدر قرار رسمي من الجبهة التركمانية في المحافظة أنه "استنادًا الى الدستور العراقي والتي أعطت للشعب التركماني حقه في ممارسة لغته القومية، ولكون الشعب التركماني ذا كثافة سكانية في محافظة كركوك وحسب التعداد السكاني للمحافظة في عام 1957 يحق للشعب التركماني مداولة لغته ورفع العلم التركماني في كركوك على الدوائر ولا يحق لأية جهة حزبية أو سياسية فرض أجندتها وأهدافها السياسية على الشعب التركماني ومكونات محافظة كركوك، داعيَا في الوقت ذاته " التركمان لرفع العلم التركماني على أسطح منازلهم وفي محل عملهم في جميع أنحاء المحافظة.

ولم تقتصر إجراءات الجبهة التركمانية على الرفض ورفع العلم بل دعت الطلبة التركمان إلى مقاطعة الدوام الرسمي الأحد ٢٦ في الجامعات والمعاهد في محافظة كركوك. وبحسب بيان للأحزاب التركمانية تلقى " العرب اليوم" نسخة منه فإن " هذه الخطوة تأتي تلافيًا للمشاكل ولحفظ التعايش والسلام بسبب أزمة رفع الأعلام في المحافظة لحين حلها".

من جهته، أكد النائب الكردي عن المحافظة، محمد عثمان عزيز، أنّ "قرار المحافظ صحيح ودستوري، ويجب المضي به وعدم التراجع عنه". وقال عزيز في تصريح له إنّ " كتلًا سياسية استعانت بجهات كثيرة للضغط على المحافظ للتراجع عن القرار، وتناست دور الكرد والبيشمركة في حماية المحافظة من "داعش" وتوفير الأمن فيها"، مؤكدًا أنّه "لولا دور البيشمركة لما بقي حال كركوك على ما هي عليه الآن".

وأضاف أنّ "كركوك محافظة متنازع عليها، ومن حق جميع الأطراف أن تعمل على إثبات وجودها فيها، وكما أن للحكومة المركزية أن ترفع أعلامها، لنا الحق في رفع العلم في كركوك"، معتبرًا أنّ " القرار يعبر عن حق الكرد، ولا يتنافى مع مبادئ الوطنية والقوانين العراقية".

لكن عضو مجلس كركوك عن المكون العربي برهان العاصي أكد سعي المكون لحلحلة الأوضاع وعدم تأزيمها مؤكدًا أن على جميع الأطراف الاحتكام إلى الدستور والقانون". وأضاف في تصريح خاص لـ"العرب اليوم" أن الجلسة المقبلة يوم الثلاثاء، سيكون للمكون العربي رأي واضح وصريح حول أوضاع المحافظة"  محذرًا في الوقت ذاته من الانزلاق وراء التصريحات الإعلامية التي تثيرها بعض الجهات، مشددًا على ضرورة الاحتكام إلى العقل وعدم الانصياع لبعض مثيري القلاقل والمشاكل بين مكونات المحافظة". وطالب العاصي رئيس الوزراء حيدر العبادي بالتدخل وحل الأزمة التي تمر بها المدينة، كون المحافظة تحت سلطة الحكومة  المركزية ولا يمكن تركها أو السكوت عن ما يجري بداخلها".

وأوضح الخبير القانوني طارق حرب، في تصريح له أن " رئيس الوزراء حيدر العبادي باستطاعته إقالة أي محافظ من خلال إرسال طلب إلى البرلمان ويصوت عليه النواب، فيُعد المحافظ مقالًا كون مجلس النواب صوت عليه" موضحًا أن "محافظ كركوك ارتكب جريمةً عندما خالف قانون خدمة العلم ورفع علم كردستان إلى جانب العلم العراقي في المحافظة وهي محافظة غير منتظمة بإقليم كردستان، ويعد ذلك جرمًا".

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قرارات لمحافظ كركوك تثير جدلاً سياسيًا بين الكرد والتركمان قرارات لمحافظ كركوك تثير جدلاً سياسيًا بين الكرد والتركمان



GMT 19:40 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل ضابط في شمال قطاع غزة

GMT 08:50 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

إسرائيل تقصف مواقع لحزب الله بجنوب لبنان

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

مقتل 7 أشخاص وإصابة 15 آخرين في حادث سير بالجزائر

GMT 09:16 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

حرائق في منشآت طاقة روسية بعد هجمات أوكرانية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab