في قصيدة  شجرة العروج  منولوج التماهي القصديّ
آخر تحديث GMT06:55:34
 العرب اليوم -

في قصيدة ( شجرة العروج ) منولوج التماهي القصديّ

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - في قصيدة ( شجرة العروج ) منولوج التماهي القصديّ

حامد عبدالحسين حميدي
بقلم : حامد عبدالحسين حميدي / ناقد عراقي

عنونة القصيدة ( شجرة العروج ) له دلالة إثرائية / إيحائية في طرح تجليات باطنية ، عمقها يستمد من الشعور الحسيّ للماورائيات ، في تحفيز نظرة متماوجة في قرارة النفس ، اذن / في العنونة ما ينمّ عن شيئية ( المادي المحسوس والملموس ) بين الشجرة التي تحيلنا إلى تكوينها التجسيدي ، وبين العروج .. المكوّر بشفافية الروح الضاجة / المتسامية في حاضنات تعدّ أطياف إنسان يحاول الرقي بالمكنون المادي إلى التأصل وفرض هيمنة الابتهال الصوفي الشفاف والتأمل إلى عالم الكون ، وكيفية دورانه بعد أن تكالبت عليه الرزايا ،وهي تدسّ أنفها في اختناقات معترك الحياة لتترك اثرها المؤلم فينا .

 ( شجرة العروج ) قصيدة للشاعر الدكتور سعد ياسين يوسف ، صوّرت لنا فاجعة ( الكرادة ) بكل دقّة ، وكأنه يجعل من ذلك المشهد الحزين اعترافات ليوميات ساخنة ، مملوءة بالحزن والشجن ، لا راحة فيها ، بل كل ما فيها وجع ، لمخلفات حروب ودمار وخراب ، أنها رؤية فيها انعكاسات ( باطنية و ظاهرية ) وكلاهما يصبّان في غصّة تكبر يومياً دون الشعور بها ، أنها رحلة مائزة مع الشهداء ، وهم يشدون أعنة رحالهم ويحملون أمتعتهم إلى الخالق الله تعالى ، أنها نظرة مسروقة من عمق الفيض الروحي في عالم الملكوت ، أنها اشبه بتسجيلية بسيطة ليوميات ما ننتظره جميعنا بعد فناء البشرية ، لكنها روح إنسان شاعر ، غاص في أعماق الذات المتخمة بغلوائها الثائرة .

عفوكَ ربي 

قامتْ قيامتُهم 

سيأتونكَ عندَ سدرةِ المنتهى 

ولكنْ كما رَسَمَتْهُم النيرانُ

لا كما خلقتَهُم في أحسنِ تقويمٍ 

نظرة تأملية وإحساس بالفاجعة ، بما شكّلته من ضغط نفسي فاعل ، جعلت الشاعر د. سعد ياسين يوسف ، يلتقط أنفاسه بهدوء وسكينة ، يوشّح نظرته الابتهالية المترامية إلى السماء بتركيب ( عفوك ربي ) استعداداً منه لطرح ما آلمه ، فالنداء / صيغة ممهدة لحمولات ضاغطة ، ثم يصف قوّة الحدث ( قامت قيامتهم ) وهي استحضار مسبق وفق فيه الشاعر ، في تأسيس المنولوج والتماهي الحكائين / انه التماهي القصدي ، باستراتيجية البوح / البوح بألآم الذوات والأصوات التي تغذّي حركية الحدث ، وهي تنطق بأورامها دون ذنب أو مسوغ ،  لذا نجد الشاعر صوّر فاجعة " الكرادة " ضمن شخوصها التكوينية ، بصور متعددة (حاملينَ هداياهم .... أطفالاً بلا عيون /  فتياتٍ بقلوبٍ متفحمةٍ / شباباً متفحمين / سيأتونَكَ آباءً وأمهاتٍ ) تمهيداً منه للولوج في انشغالات تعبوية ، توصلنا إلى نقطة الحدث ، ومحاولة تحريك الأقطاب ضمن تدرّجات تفاعلية متناسقة .

حاملينَ هداياهم ....

أطفالاً بلا عيون

تُشْرقُ شمسُ الكركرات

من محاجرِهم 

يحملونَ ملابسَ بيضاءَ

بلونِ الفرح القتيلِ 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في قصيدة  شجرة العروج  منولوج التماهي القصديّ في قصيدة  شجرة العروج  منولوج التماهي القصديّ



GMT 05:47 2016 الإثنين ,17 تشرين الأول / أكتوبر

بعد رحيل الصمت ... تقنية ثقافة الحظر

GMT 19:02 2016 السبت ,01 تشرين الأول / أكتوبر

في قصيدة ( شجرة العروج ) منولوج التماهي القصديّ

GMT 19:40 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل ضابط في شمال قطاع غزة

GMT 08:50 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

إسرائيل تقصف مواقع لحزب الله بجنوب لبنان

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

مقتل 7 أشخاص وإصابة 15 آخرين في حادث سير بالجزائر

GMT 09:16 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

حرائق في منشآت طاقة روسية بعد هجمات أوكرانية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab